كازورلا الخارق يقود أوفييدو للعودة الأسطورية إلى الليجا بعد عشرين عاما وأكثر
شهدت ملاعب إسبانيا مفاجأة مدوية في ختام منافسات دوري الدرجة الثانية الموسم الحالي بعدما نجح نادي أوفييدو في استعادة مكانته بين الكبار بعد غياب طويل استمر 24 عاما ليعود من بوابة نهائي مباراة الإياب التي جمعت الفريق أمام ميرانديس ويصعد رسميا إلى الدوري الإسباني الممتاز في نسخة الموسم المقبل 2025 2026 بفضل ركلات الحسم والروح القتالية العالية للاعب المخضرم سانتياجو كازورلا
المسيرة التاريخية لأوفييدو
تأسس نادي أوفييدو في عام 1926 ويمثل إحدى القلاع الكروية في إقليم أستورياس شمال غرب إسبانيا وعلى الرغم من أن الفريق حقق بعض الصعود والهبوط في فترات متقطعة فإن آخر مشاركة له في الدرجة الأولى قبل موسم 2000 2001 غدت ذكرى بعيدة لدى جماهير الفريق التي عاشت لحظات حلوة وذكريات مع نجوم كبار على غرار لوبو كاسترو وغارسيا آيالا قبل أن يعود الفريق للسقوط بين دوري الدرجة الثانية والثالثة حتى بدا أن حلم الليجا أصبح بعيد المنال
دور كازورلا في كتابة ملحمة العودة
يشكل سانتياجو كازورلا أيقونة رفقاء المجد في أوفييدو ففي عمر الأربعين وخلال موسم أول له مع الفريق منذ انضمامه قادما من الدوري القطري يثبت قدرته على صناعة الفارق عبر خبرته العالية ورؤيته الثاقبة للملعب ولم يكن عمره عائقا أمامه ليسجل كازورلا ثلاثة أهداف حاسمة خلال الدوري بالإضافة إلى هدفين قاتلين في المواجهات الفاصلة أمام ألميريا وميرانديس سجل الأول من ركلة حرة مباشرة في نصف النهائي قبل أن ينجح في التهديف من ركلة جزاء في مباراة الإياب أمام ميرانديس ليمنح زملاءه الشرارة التي انطلقت منها انتفاضة حسم التأهل
تفاصيل مباراة الحسم
خاض أوفييدو مباراة الذهاب على أرض ميرانديس خارج قواعده وخسر بهدف نظيف بعد أن اهدر أصحاب الأرض عدة فرص خطيرة وفي الوقت الذي بدا فيه المسار منحازا لصالح المنافس خرج الفريق ببطولة الروح القتالية ليواجه شبح الهبوط النفسي لكنه استعاد ثقته مبكرا في الإياب عندما وصل إلى الشباك بواسطة ركلة جزاء نفذها كازورلا بنجاح في الدقيقة 40 من الشوط الأول ليعدل النتيجة قبل أن يسجل تشايرا هدف الانتصار في الشوط الثاني وينتهي الوقت الأصلي بالتعادل ليتمدّد اللقاء إلى الوقت الإضافي وهناك أطلق بورتيلو تسديدة قوية في الدقائق الأخيرة أسفرت عن هدف الانتصار الذي بدد آمال ميرانديس وأشعل مدرجات ملعب كارمن سيرانو بالاحتفالات
الأرقام تتحدث عن نفسها
يأتي تألق أوفييدو هذا الموسم ثمرة خطة فنية محكمة اعتمدها المدرب سيرجيو أماريو الذي وظف عناصر الخبرة والشباب معا وحرص على تقليل الأخطاء الدفاعية ورفع مستوى اللياقة البدنية للفريق لتعويض فارق السرعة مع فرق مثل إلتشي وميرانديس وألميريا التي تنافس بشراسة على المراكز المؤدية للليجا والتنقل بين أنظمة 4 3 3 و4 2 3 1 بحسب طبيعة الخصم وتمكن أوفييدو من إنهاء الموسم في المركز الثالث بعد تحقيق 78 نقطة متعادلا مع ميرانديس وبفارق نقطتين خلف إلتشي الوصيف ليواجه منافسة شديدة في أدوار الملحق قبل حسم الأمور في النهائي
رمزية الصعود بعد 24 عاما
لا يقتصر الصعود بالنسبة لجماهير أوفييدو على عودة للفصول الذهبية الماضية بل يتعداه للإشارة إلى مرحلة جديدة من الطموحات التي تشمل مشاريع تطوير ملعب كارمن سيرانو وزيادة الطاقة الاستيعابية إلى 30 ألف متفرج وتعزيز القطاع الرياضي بإطلاق أكاديميّة شبابية جديدة تضم فرق شباب تحت سن 19 و17 و15 عاما بهدف اكتشاف المواهب المحلية في أستورياس وضمها لصفوف الفريق الأول مستقبلا
تأثير الصعود على المجتمع المحلي
يشكل صعود أوفييدو دفعة اقتصادية ملحوظة للمدينة التي تعتمد على السياحة الريفية والصحراوية في الجبال المحيطة فالتواجد في الدرجة الأولى يزيد من حجم التغطية التلفزيونية ويجذب رجال أعمال ورعاة جدد ويزيد من حركة الفنادق والمطاعم والمنتجعات القريبة إضافة إلى توفير فرص عمل جديدة في القطاع الرياضي والإعلامي ومراكز التدريب بما ينعش الاقتصاد الإقليمي ويساعد على تحقيق تنمية مستدامة
مرحلة جديدة في مسيرة كازورلا
يكتب سانتياغو كازورلا فصلا جديدا من الإنجازات بعد مسيرة حافلة بالبطولات مع أندية مثل فياريال وأرسنال ومالكوليا إذ أصبح اللاعب الأكبر سنا في التاريخ الذي يقود فريقا للصعود إلى الليجا وهو الرقم الذي يؤكد قوة الإرادة والالتزام العالي والتفاني في التحضيرات البدنية والفنية ليثبت أن العمر مجرد رقم عندما يجتمع مع التقنية والذكاء التكتيكي وفهم المباريات
طموحات لا حدود لها
مع الصعود إلى الدوري الإسباني الممتاز سيحتاج أوفييدو لتعزيز الصفوف بلاعبين يمتلكون خبرة اللعب في البطولات الكبيرة مع الحفاظ على قاعدة الفريق الشابة التي شكلت العمود الفقري في الملحق لذلك تشير التقارير إلى أن إدارة النادي دخلت في مفاوضات مع لاعبين من دوري الدرجة الأولى الألماني والإيطالي لتعزيز دفاع الفريق وفي الوسط الهجومي من أجل مواكبة متطلبات الليجا العالية والحفاظ على مركز وسط الجدول
بعد صعود تاريخي تحقق بلمسة قدمي سانتياغو كازورلا وقيادة قائد لا يمل من العطاء يستعد أوفييدو لفصل جديد من التحديات في الدوري الإسباني الذي يضم أندية عريقة مثل ريال مدريد وبرشلونة وأتلتيكو مدريد ويأمل أن يكون الصمود والتكتيك المنظم عنوان الموسم للنجاة من الهبوط المبكر وتحقيق نتائج تليق بطموحات الجماهير التي انتظرت العودة أربع وعشرين سنة وأكثر.
