تمرد كاسح لإنجلترا وتوخيل ضد قرار الفيفا قبل الحسم العالمي
أعلنت بعثة منتخب إنجلترا وقائدها الفني الألماني توماس توخيل عن رفضهما التام للتعديل الذي أدخله الاتحاد الدولي لكرة القدم على قواعد المعسكرات الصيفية في كأس العالم 2026 المقرر إقامته في الولايات المتحدة وكندا والمكسيك تحت مظلة مشتركة لأول مرة في تاريخ البطولة وقد اعتبرت لندن هذا التغيير مفاجأة غير مبررة ووعدت بمنازعة القرار أمام أعلى الهيئات القضائية الرياضية قبل انطلاق المنافسات مباشرة
خلفية التعديل الجديد
في بطولات كأس العالم السابقة كان يحق لكل منتخب اختيار مقر معسكر واحد طوال أيام البطولة يستظل فيه طوال فترة المنافسات بدءاً من مرحلة المجموعات وحتى النهائي وكانت الاتحادات الوطنية توفر كافة التسهيلات للاعبين والأجهزة الفنية والإدارية بما في ذلك أماكن إقامة العائلات وخدمات النقل والتمارين والتجهيزات الخاصة أما بالنسبة إلى نسخة 2026 فقد قررت الفيفا إجبار جميع المنتخبات المتأهلة إلى الأدوار الإقصائية على تغيير مقرها، واعتماد معسكر ثانٍ يقترب من مدن إقامة المباريات التالية بعد نهاية دور المجموعات
رفوف الاعتراض الإنجليزية
بحسب تقرير نشرته صحيفة تيليغراف البريطانية فإن المنتخب الإنجليزي أبدى انزعاجه من مضاعفة الضغوط اللوجستية وطول المسافات بين المدن الثلاث التي تستضيف البطولة وللمفارقة فقد اعتبر مسؤولو الاتحاد الإنجليزي أن التنظيم المتكامل في نسخة قطر 2022 كان مثالياً من حيث سهولة التنقل والتركيز على الأداء الفني دون هدر الطاقة في الرحلات البرية أو الجوية المتكررة داخل البلد المضيف الواحد وبدت لندن مصممة على استعادة الخيار السابق الذي يوفر راحة أكبر للاعبين قبل المعارك الكبرى في الدور الثاني

توماس توخيل يتصدر المشهد
لم يكتفِ الاتحاد الإنجليزي بل استند في احتجاجه الرسمي على دعم مدرب فريق تشيلسي السابق توماس توخيل الذي لم يخف استياءه من قرار الفيفا الجديد ووصف الأمر بأنه “قليل المنطق وغير مرن مع التدريب الحديث واحتياج اللاعبين للراحة الجسدية والنفسية بين المباريات” وأكد لـ صحيفة ديلي ميل أنه سينضم شخصياً إلى اجتماعات الطاقم القانوني قبل تقديم الطعن خلال الأيام المقبلة ليصبح أول مدرب يرفع صوته عالياً ضد تعديل دولي يمس تنظيم أكبر حدث كروي في العالم
البدائل المطروحة
بالتوازي مع الإعداد للطعن القانوني يعمل الجهاز الفني لمنتخب إنجلترا منذ أسابيع على خطة طوارئ تشمل البحث عن مواقع بديلة للمعسكر الذي يعتزم نقله بعد انتهاء دور المجموعات وتشير المعطيات إلى أن كانساس سيتي أصبحت المحطة الأبرز لدى المدرب توخيل وفريقه الإداري لما تتمتع به من موقع مركزي في الولايات المتحدة وقربها من مدن عدة مثل يوتا وكولورادو وتكساس ولاس فيغاس التي يُرجح أن تحتضن مواجهة “الأسود الثلاثة” في أدوار الستة عشر أو الثمانية وتتنوع الخيارات بين منشآت جامعية متطورة وفنادق مزودة بملاعب تدريبية عالية المستوى
آليات الطعن القانونية
يعتمد الاعتراض الإنجليزي على بندين أساسيين في لائحة الفيفا المتعلقة بتنظيم البطولات الكبرى أولها شرط الاستقرار في معسكر واحد طيلة فترة المنافسة المعلن رسمياً في نسخة 2022 والذي ثبت نجاحه على مستوى الشركات الراعية والإعلام والجماهير والثاني يتعلق بالجهد الإضافي الناتج عن تنقلات طويلة قد تصل إلى 1000 كيلومتر بين المدينتين الأساسيتين خلال فترة لا تتجاوز العشرة أيام ويطالب محامو الاتحاد الإنجليزي بنقل الأمر إلى محكمة التحكيم الرياضي باعتبار أن التعديل لم يمر بمرحلة استشارة كافية للأندية والمنتخبات خاصةً أن بعض أضيقاء البطولة يواجهون برامج إعداد مكتظة قبل المونديال بفترات قصيرة
تأثير القرار على المنتخبات الأخرى
على الرغم من أن اعتراض إنجلترا وتوخيل قد يكون الأقوى حتى الآن فإن أصواتاً أخرى بدأت تظهر من منتخبات ومدربين آخرين يشعرون بقسوة متطلبات التنقل والشروط الجديدة فقد انضمت هولندا والبرازيل لمطالبة الفيفا بمزيد من المرونة في السماح بتثبيت المعسكر الرئيسي الذي يعتبر عمود الإعداد الأساسي قبل المغامرة في قلب القارة الأمريكية الشمالية كما أبدى مدرب منتخب الأرجنتين استياءً مماثلاً معتبراً أن تغيير القواعد بهذا الشكل يفتقد إلى الجانب الاستشاري ويضر بحقوق اللاعبين في الحصول على استجمام حقيقي

تحديات لوجستية وفنية
يمثّل تغيير المعسكر نقطة ضغط لوجستي هائلة بالنسبة للأجهزة الإدارية للأمم حيث يتطلب نقل الأمتعة والمعدات والطواقم المرافقة داخل فترة ضيقة وضمن جداول عطلات جوية مكثفة وتقلبات جوية محتملة قد تطرأ على المدن الشمالية في يونيو ويوليو وهو ما يزيد من مخاطر تأخير وصول اللاعبين إلى وقت كافٍ للتسخين قبل المباريات ويهدد إرباك الجاهزية الفنية والبدنية وفوق ذلك كله يضاف عامل ارتفاع التكاليف المرتبط بحجز الفنادق وتنظيم الحافلات وتأجير الملاعب الإضافية للتدريب لمدة مؤقتة قبل الانتقال مجدداً
رد الفيفا المتوقع
من المتوقع أن ترد الفيفا على الاحتجاج الإنجليزي بأنها قررت تغيير القواعد تحقيقاً للعدالة بين منتخبات تقيم في بلد واحد وأخرى مسافرة لأدوار الثمن أو الربع فتجمع البطولة على ثلاث دول للمرة الأولى يتطلب منها ضمان توزيع متوازن للفرق المستضيفة للمباريات دون منح أفضلية لمن شكلوا مستقرّاً واحداً يقيمون فيه طيلة البطولة كما قد تبرر الفيفا ربط التعديل برغبتها في إشراك أكبر عدد من المدن والمشجعين المحليين المباشرين في الحدث وهو ما يعود بالفائدة الاقتصادية على شريحة أوسع من البلدان المضيفة
بينما تلوح بوادر الصدام القانوني بين إنجلترا وتوخيل من جهة والفيفا من جهة أخرى تتأهب كرة القدم العالمية لمعركة جديدة تتجاوز خطوط الملعب وتعبّر عن التوتر المتصاعد بين مصالح المنتخبات وتوجهات الاتحادات الدولية وستحسم محكمة التحكيم الرياضي الخيار النهائي قبل انطلاق المنافسات رسمياً في صيف العام المقبل لتعرف المنتخبات مصير استراتيجيات الإعداد وإمكانية الثبات على معسكر واحد أو الاضطرار للتنقل المستمر بين ثلاث دول متجاورة لأول مرة في تاريخ المونديال.